السلفية في مواجهة إحياء الفكر الدينى[1]
سيد
صادق حقيقت[2]
نبذة
إنقسمت
السلفية فى العقدين الأخرين إلى الفرق و التيارات المختلفة بحيث لا يمكن للباحث
إغفال الخلفيّات السياسية و الاجتماعية الممهدة لظهورها. لتحليل السلفية و
خلفياتها، يمكننا بالجمع و الإلتقاء بين النصية و السياقية تحليل جذور هذه الفرقة
و دورها فى السياسة الدولية الراهنة. تتطلع السلفية إلى مبادىء كالرجوع و العودة
إلى ما كان عليه السلف الصالح؛ بينما يريد أصحاب فكرة إحياء الفكر الدينى إعطاء
مقاربة عن الدين الاسلامى تتناسب أكثر فأكثر مع ما يقتضيه العقل البشرى حتى يتكيف
بسهولة أكثر مع مفاهيم كالتجديد و حقوق الإنسان. تعارض السلفية بكل إنتماءاتها
إحياء الفكر الدينى من جهتين: درجة إهتمامها بما يقتضيه التعقل و عدم القبول
بموازين التجديد. يبدو أن الأحداث ستصير فى المستقبل البعيد فى صالح خطاب إحياء
الفكر الدينى و على غير ما تشتهيه السلفية.
الكلمات
المفتاحية: السلفية، إحياء الفكر الدينى، العقلانية، التجدد، إلتقاء النصية و
السياقية.
نمت السلفية فى العقدين الأخيرين بشكل مفاجىء يشبه نشوء الفطريات من
الأرض بحيث يعتقد البعض بأنَّ هناك 40 جماعة تكفيرية مسلحة فى سوريا فى سياق تجمع
يدعى جيش الاسلام تحارب النظام السورى. تواجه هذه الجماعات مع جماعة النصرة
السلفيةَ القاعدية. تتطلع الجماعات السلفية بأشكالها المختلفة والتى تدعى بعناوين
كالجماعات الجهادية و الجماعات التكفيرية و الجماعات السلفية، للعودة إلى سيرة
السلف الصالح مستخدمة شعارات ك «القيام بالسيف» و «الجهاد» فى حملتهم هذه. قد
تنوعَّت الجماعات السلفية بحيث نستطيع الحصول على كثيرمن المتناقضات فى ما بينها
فعلى سبيل المثال هناك فوارق رئيسية بين جيش الاسلام و القاعدة لأنَّ الأولى تهدف
إلى التخلص من نظام بشار الاسد و الأخير يتطلع لايجاد دولة اسلامية. و أيضا هناك
تضاد بين النصرة و داعش والذى يقع فى إطار هذه التناقضات الموجودة بين الجماعات
السلفية.
فى
المقابل، يهدف إحياء الفكر الدينى إلى إعادة النظر فى النصوص الدينية على أساس
العقل و ما يقتضيه التجدد. و الفارق الرئيسى بين إحياء الفكر الدينى و التنوير
الدينى هو أنَّ فى الخطاب الأخير يعتبر التجدد و و التعقل الحداثوى المتجدد أمرا
واجباً و يتم فيه فهم النصوص الدينية على هذا الأساس. و الفارق الآخر الذى يميز
بين إحياء الفكر الدينى و التنوير الدينى هو أنَّ الأول يعيِّن الحدود بينه و بين
العلمانية كما نرى عند أصحاب هذا التيار. و من جهة أخرى تمتاز الفقة السياسى فى
التيار الإحيائى من أهمية بالغة. و فى المقابل، يعتبر المتنورون الدينيون الفقه
السياسى موضوعا مرتبطا بالزمان و لهذا يعدَّه أمر غير معتد به فى زماننا هذا. يقع
التنوير الدينى و إحياء الفكر الدينى، كلاهما فى نقطة الخلاف مع السلفية و كما يضع
يوسف القرضاوى، الاسلامويةَ فى فكر حسن البناء فى نقطة التقابل مع العلمانية التى
نراها فى كتابات فواد زكريا[3]،
يمكننا التصور بأنَّ السلفية (التى تعتبر نوعا من الاسلاموية) تقع فى نقطة الخلاف
مع تيار إحياء الفكر الدينى.
و بقدر ما كانت السلفية قد أضرت الإسلام و ألحقت خسائر إلى مصالح
المسلمين و على حد ما صوَّرت صورة عنيفية و غير عقلانية عن الاسلام[4]، يبشِّر خطاب إحياء الفكر الدينى بمعطيات كثيرة للإنسان المسلم
المعاصر و ذلك بالاستفاده من إتجاه عقلى إبتنت على النصوص الدينية. كاتب هذا
المقال يريد بعد تبنى فرضية وجود الفوارق بين إحياء الفكر الدينى و التنوير
الدينى، أن يضع النقاط على الحروف فيما يرتبط بالتقابل بين إحياء الفكر الدينى و
السلفية و يتطرق فى هذا المجال فى ما يخص العقلانية و التكيف مع التجدد. المنهج
المستفاد فى هذا المقال هو إلتقاء بين المنهج النصى و السياقى. يعتقد الباحث على
أساس وجهة نظر تعددية منهجية، بأنَّ الإلتقاء[5] بين النص[6] و السياق[7] أكثر فاعلية من النصية[8] و السياقية[9] على حده[10]. إهتم الباحثون كثيرا باستخدام النصية و السياقية فى «مدرسة كمبريج»
و لاسيما أسلوب كوئنتين اسكينر الذى نظروا إليها نظرة خاصة فى دراساتهم المنهجية[11]. مدرسة كمبريج قد أجاد مدِّ الجسور بين الفلسفة التحليلية[12] و الفلسفة القارية[13] و هكذا إستطاع الإستفاده من صلاحيات كل هاتين الفلسفتين. أشار بعض
الكتب التى قد تطرقت إلى السلفية إلى هذه النقطة المحورية ولكن لا تتمُّ دراسة
نصوص هذه الكتب إلا فى إطار خلفية البحث[14]. لايمكننا تحليل و دراسة الظهور المفاجى للجماعات الأصولية و
التكفيرية و الجهادية فى العقدين الأخيرين إلا بإلتقاء النصية و السياقية لأنَّ من
جهة، دون الإهتمام بالنص لا نتمكن من معرفة الجذور العقائدية و الفقهية لهذه
الجماعات و من جهة أخرى عدم النظر إلى الخلفية السياسية و
الاجتماعية فى ظهور هذه الجماعات يودى إلى الإهمال فى دراسة دور
الدول العملاقة و اسرائيل فى تشكل هذه الجماعات و الدعم المالى الذى تلقته هذه
الجماعات من بعض الدول العربية فى المنطقة.
ماهي
السلفية و مميزاتها:
تعنى
السلفية فى تعريفه اللغوى بالعودة إلى الماضى و السير على منهج السلف، ولكن فى
معناه المصطلح تعنى بها الجماعة التى قد جعلت من إتباع السلف الصالح و العودة إلى
سيرة النبى و الصحابة و التابعين، مبدأ رئيسا لها. تنشأ السلفية لها من بدعة وضعها
ابن التيمية فى القرن السابع الهجرى. تسبَّبت وجهة النظر الخاص للسلفيين حيال
السلف عن ظهور مذهب جديد فى القرون الأخيرة والتى تسمى بالسلفية. يأخذ السلفيون
الجدد سيرة الصحابة كمصدر للتشريع[15].
حسب معتقدات السلفيين، قد إنحرف الفكر الاسلامى طوال الزمن عن مساره و لهذا يرون
الرجوع إلى المنبع و المصدر الرئيسى للدين من ضروريات الأمة[16]. تشتمل
السلفية على عدد كبير من الانتماءات من السلفية المعتدلة حتى المتشددة[17]. خلافا
على ما يعتقده البعض ليست المعتقدات الكلامية للسلفية على أساس المذهب الأشعرى؛
لأنَّ الأشعرى كان يعتقد بدور العقل للوصول إلى الفحوى المندرج فى النصوص المقدسة
ولكن السلفية ليست هكذا بل تلتزم نوعا من الظاهرية[18]. ينسب
السلفيون و المومنون بالسلف الصالح، معتقداتهم إلى احمد بن حنبل (164- 241. ق).
كان أحمد بن حنبل محدثا تقليديا يعارض الفقاهة و الإجتهاد و كان يتبرأ من الإلتزام
بالرأى الاجتهادى و يعتبر المخالفة مع السنة نوعا من البدعة و يسمى مخالفيه أصحاب
البدع و الأهواء. رغم أنَّ أحمد بن حنبل كان المقتدى عند السلفية، ولكن نزلت درجة
الإهتمام به عند السلفيين و كان ذلك بسبب الميول الظاهرية، و الاتباع من ظاهر النص
و التجمد فى الآراء و التشدد المفرط عند الحنبليين و إبتعاد مذهبهم الفقهى عن
الواقع التاريخى الحى و الإبتعاد عن كل ما كان
جديدا فى الحياة المعيشية للشعب. أحيا إبن تيمية و تلميذه ابن الجوزى فى أخريات
القرن السابع، المعتقدات الحنبلية بشكل أكثر تشددا[19] و من هذا الزمان حتى القرن الثانى عشر كانت السلفية نسيا منسيا لكن
فى هذا القرن ظهر محمد بن عبدالوهاب النجدى (1115- 1206 ق) بدعوى العودة إلى
الاسلام الأصيل و على الرغم من أنَّه قد تمَّ إسكاته من قبل محمد على باشا ولكن
سيطر أصحابه على النجد و الحجاز و شكَّلوا المملكة السعودية[20]. فى هذا الصدد، يلزم علينا الإشارة بأنَّ الوهابية إنشقت و إنقسمت
على نفسها منها نوعان؛ الأول هى الوهابية التابعة للبلاط التى قد بقت على مبادىء
محمد بن عبدالوهاب و الوهابية الثورية أو الجهادية التى تكون مثار النقاش فى هذا
المقال.
رغم
أنَّ السلفية يمكنها الترادف مع الوهابية (أو المفاهيم الأخرى)[21]، لكنَّها
مفهوم أعم من الوهابية أو التكفيرية أو الجهادية؛ لأنَّنا نجد فى بعض من السلفيين،
المعتدلين غير المتشددين الذين لا يمكن إعتبارهم فى عداد التكفيريين. يوضح
أحمدالموصلى هذا الأمر بشكل صحيح و يقول بأنَّ السلفيين ليس كلهم على معتقدات
الوهابية[22]. بعبارة
أخرى يعتبَر الجهاديون نوعا من السلفيين و لهذا، يدعون" السلفيون
الجهاديون"[23]
(أو السلفية الجهادية). إن نعتبر المخالفة مع التجدد بمنزلة الحجر الأساس للأصولية[24]،[25] نستطيع
القول بأنّه بين السلفية و الأصولية علاقة العموم و الخصوص المطلق. لأنَّ كلَّ
سلفى يكون الأصولى ولكن كلُّ أصولى لا يدخل فى ضمن تعريف السلفى أو حتى المسلم.
كما يعتقد پيتر دمنت بأنَّ الأصولية فى جدال مستمر مع التجدد و لا يمكن إعتباره
دون عقيدة تسعى لرفضها[26].
لا تقف هذه الميزة للأصولية فى موقع التعارض مع ظاهرة المحاكاة عن المفاهيم الحديثة التى نرى شائعا
عندهم[27]. إنَّهم قد تمسكوا بمفاهيم مشابهة و معادلة للديموقراطية و المحاكاة
عنها. إضافة إلى ذلك، للأصولية معنى آخر ليس محل نقاشنا فى هذا المقال و هو النظرة
المتجمدة الأحادية فى تفسير الكلمات فى النصوص المقدسة. و على هذا الأساس تكون
العلاقة بين السلفية و الاسلاموية[28] من وجه العموم و الخصوص المطلق و أيضا يرتبط مفهوم السلفى مع
الإرهابى بعلاقة العموم و الخصوص من وجه (مثله كمثل دائرتين متداخلتين). يمكن
إعتبار ثمانية ميزات للإرهابية: القيام بالفعل العمدى الذى ينبعث من منطق خاص و
يكون فى الغالب بشكل عنيف و ذات أهداف سياسية و مذهبية لترهيب المجتمع؛ إضافة إلى
ذلك لا يتبع فيه القوانين المتعارفه عليها فى الحروب و يتم إختيار الضحايا و
الأهداف من خضم المجتمع و يراد به تغيير بعض السلوك الخاصة فى المجتمع[29]. هذه الميزات من مصاديق السلفيين الجهاديين و التكفيريين و على هذا
الأساس يمكن إعتبارهم فى عداد الارهابيين. من جهة أخرى، بعض من السلفيين كمحمد
عبده لا يومن بالارهاب؛ إضافة إلى ذلك ليس كل الارهابيين من عداد السلفيين
(كالارهابيين غير المسلمين). يعتقد آنتونى جانز و نلى لاهود بأنَّ كل الاسلامويين
لا يصوِّغون إستخدام الأدوات العنفية و يريد الاسلامويون المتشددون مع الاعتقاد
بمكتب عالمى، إزالة الظلم و اللامساواة من النظام الدولى[30]
على
الرغم من أنَّ هذا المقال يناقش نوعا من السلفية الظاهرية و العنيفة التى تواجه
الإحياء الفكر الدينى ولكن يلزم علينا القول بأنَّ السلفية ليست إصولية و نقلية
لزاما. تتطلع السلفية بالعودة إلى الماضى الأصيل سواء مع النقل أو العنف أو التعقل
و التسامح. على سبيل المثال، كان محمد عبده شخصية سلفية يميل إلى التعقل و يومن
بالتسامح[31]. و على
أساس ما قلناه و بما أنَّ الرجوع إلى السلف يكون جزاء من المعتقدات السلفية، هناك
دائما إمكانية التمييز بين السلفية و العنف و النقل. على كل حال، سنتطرق فى هذا
المقال إلى السلفية المتشددِّة.
التعدد فى الجماعات السلفية
وفقا
لما نقله تقريرٌ لصحيفة تايمز لندن، شكَّلت المملكة السعودية أربعين جماعة تكفيرية
فى سوريا ضمن تشكيلة تسمى بجيش الاسلام و ساندتها للقتال ضد النظام السورى. و
إستنادا لهذا الخبر، يكون الهدف من وراء تأسيس جيش الاسلام، تشكيل منافس للقاعدة
فى المنطقة. أعلن كثير من متزعمى هذه الجماعات المسلحة بأنَّ تشكيل جيش الاسلام
كان صناعة سعودية. لأنَّ السعودية قلقة من نفوذ الجماعة المسماة بالدولة الاسلامية
فى العراق و الشام التابع للقاعدة فى المنطقة. يوكد چارلز لستر المحلل للشوون
السورية بأنَّ جيش الاسلام تمَّ صياغته على أساس التفكر السلفى و فيها كثير من السلفيين
المعتدلين و المتشددين و يكون الهدف الرئيسى له إسقاط نظام بشار الاسد و هذا فى
حال، تطمح القاعدة لتشكيل دولة اسلامية فى البلدان الاسلامية[32].
فى
فترة الجهاد ضد السوفياتة فى أفغانستان، إنتبه أسامه بن لادن إلى هذه الحقيقة
بأنَّه ليس فى متناول اليد إحصائية عن عدد القتلى و الجرحى للمجاهدين و لهذا،
أسَّس مكتبا للخدمات و بيت الأنصار الذى تغير اسمه فيما بعد إلى القاعدة (بمعنى
قاعدة إيصال المعلومات). مع مضى الزمن، إنتشر هذا التشكل فى كثير من البلدان
الإسلامية[33]. من جهة
أخرى أعلنت أربع عشرة جماعة مسلحة فى شهر آذر من سنة 1392 من التقويم الهجرى
الايرانى، فى حلب بأنَّهم يزعمون تشكيل جماعة جديدة تسمى «الدولة الاسلامية» و
لهذا لايقبلون الإنضمام إلى إئتلاف الدوحة الذى كان يدعم من قبل الغرب. تكون هذه
الجماعات الأربعة فيما يلى: جبهة النصرة، لواء التوحيد، كتائب أحرار الشام، أحرار
سوريا، كتيبة السلطان محمد، لواء حلب، الشهباء الاسلامى، حركة الفجر الإسلامية،
درع الأمة، لواء عدنان، كتائب الإسلام، لواء النصر، كتيبة الباز و لواء درع
الاسلام. تعتبر هذه الجماعات الثلاثة كالنصرة (التى قد أعلنت ظهورها فى 2012) و
لواء التوحيد (الذى قد ظهر فى عام 2012 و كان فى نزاع دائر مع داعش) و كتائب أحرار
الشام (التى قد تمَّ تشكيلها فى عام 2011 بهدف خوض الحرب ضد الجيش السورى) أهم من
الجماعات الأخرى. إدَّعى مركز رصد الإرهاب
فى الولايات المتحدة فى تقريره بأنَّ ثلاثة عوامل قد أثَّرت فى تصاعد دور النصرة
فى سوريا و هذه الثلاثة عبارة عن: العنف المتزايد للحكومة السورية ضدَّ الشعب،
القدرات العسكرية لهذه الجماعة و التجنب عن القتال مع الجماعات الداخلية، تأييد
العلماء السلفيين لها.[34]
كانت
القاعدة فى العراق تقاد بواسطة أبومصعب الزرقاوى و بعد مقتل الزرقاوى إستلم ابوعمر
البغدادى زمام القيادة. الفعاليات الواسعة لداعش فى شهر خرداد 1393 من التقويم
الايرانى و السيطرة على مدينة موصل الاستراتيجية قد دقَّت ناقوس خطر هذه الجماعات
المتشددة العنيفة. تمَّ تأسيس هذه الجماعة المتطرفة فى عام 2004 الميلادى بواسطة
ابومصعب الزرقاوى، ابوحمزة المهاجر و أبوعمر البغدادى و ابوبكر البغداى فى مدينة
بعقوبه فى العراق و الرقة فى سوريا لكن جذور داعش تعود إلى الشطر الثانى
للتسعينيات من القرن المنصرم. كان الزرقاوى فى سنة 1995 فى صفوف المقاتلين الأفغان
فى حربهم ضد السوفيات و بعد ذلك شارك فى الحرب ضدَّ القوات الأمريكية فى هذا
البلد. أسَّس الزرقاوى فى أفغانستان جماعة التوحيد و الجهاد فى عام 1995. كان
الزرقاوى يحمل الجنسية الأردنية، سافر بعد احتلال القوات الأمريكية للعراق، إلى
هذا البلد و بايع برفقة بعض من زملائه أسامة بن لادن بشكل رسمى فى عام 2004 و أعلن
فى عام 2005 بالحرب ضد الشيعة فى العراق و فى النهاية وقع فى 7 من حزيران يونيو من
سنة 2006 فى كمين القوات الأمريكية الخاصة و لقى حتفه. بعد مقتل الزرقاوى، بدأ
خلفاه، ابوعمر البغدادى و ابوبكر البغدادى بالتردد إلى العراق و سوريا. لاقى
ابوعمر البغدادى حتفه فى عام 2010[35].
و هكذا إستغل داعش الذى قد سمى نفسها الخلافة الاسلامية فيما بعد، من الحالة
الإستياء الشعبى فى الموصل و التكريت و ركب الموجة و إستفاد من العسكريين البعثيين
نهب بيت المال و السيطرة على الآبار النفطية للرفع برصيده بحيث رفع مخزونها فى
غضون عدة أيام إلى مليارين دولار. لولا كان الدعم الشعبى لصالح داعش فى هذه
المنطقة ما كان بمقدور جماعة قوامها 15 ألف شخص بأن يبقى على قيد الحياة.
الفارق الرئيسى بين داعش و القاعدة يقع فى القاعدة التى تمَّ تبنّيها
من قبل هاتين الجماعتين؛ بعبارة أدق تعتبر القاعدة المملكة السعودية مركزا و قاعدة
لها و تتلقى الدعم المالى و الفكرى من هذه المملكة، فى المقابل، يومن داعش ببسط
نفوذه فى البلدان الاسلامية و لهذا فقدت الدعم السعودى فى عام 2014. و كانت
النتيجة لهذا الفارق، بأنَّ داعش تشن الحرب ضد المسلمين المعارضين و ذلك بدلا من
الحرب مع الولايات المتحدة و الغرب. و تكمن المسألة الأخرى فى أنَّ داعش تومن
بمعتقدات متشددة ليس لها نظير فى الجماعات السلفية المتشددة الأخرى منها وجوب قتل
الشعب بشكل فجيع و عدم تقديس الكعبة.
أسباب
النشر المفرط للسلفية المتشددة
إنتشرت
الجماعات السلفية المتشددة فى العقود الأخيرة بشكل غريب. و هذا السئوال دائما يطرح
نفسه بأنّ ما هو السبب من وراء نشر جماعات متشددة و مخالفة للتجدد فى العصر الذى
طرحت فيه موضوعات كالعولمة و التجدد و القرية العالمية. و بناء على ما يقوله
فيرحى، بأنَّ «السلفية إنتشرت فى عهدين؛ الأول فى العهد المغولى و الأزمة التى كان
يعانيها العالم الاسلامى آنذاك و الثانى فى عهد الإسقاط التدريجى للخلافة
العثمانية و التواجد المهيمن للغرب فى العالم الاسلامى. العهد الأول إنتهى بظهور
شخصية كإبن تيمية و فى العهد الثانى قد تمهَّدت الأرضية لظهور شخصية موثر كمحمد بن
عبدالوهاب»[36].
أحد أسباب النجاح لهذه الجماعات المتطرفة هو الاعتماد على النصوص الأصلية و الرجوع
إلى سيرة السلف الصالح و لكن ما هو يهم أكثر فى هذا المجال هى الأرضيات السياسية و
الاجتماعية الممهدة لظهور تيارات كهذه. إلتقاء النصية و السياقية من شأنه أن يظهر
عوامل إنتشار هذه الجماعات السلفية و يمكننا عدّ بعض عوامل النجاح لهذه الجماعات
فيما يلى:
1.
بدأت هذه الجماعات فعالياتها بشعار العودة إلى الإسلام الأصيل و هكذا تعرفت
الجماعات السلفية على الداء الذى تعانية الشعوب المسلمة و ترى الحل فى العودة إلى سيرة السلف الصالح و الإسلام
الأصيل فى عهد النبى (ص). و هذا الشعار رغم كونه مجوفا و فارغا عند الطبقة المثقفة
و لكن يجذب قسما كثيرا من الجماهير إلى نفسه.
2.
الخطاب البسيط و المنطق السهل؛ سبب زوال كثير من الايدئولوجيات يكمن وراء عدم
القبول بها من قبل عامة الشعب و يفهمها فقط طبقة خاصة من المثقفين. لأنَّ الخطاب
هو خطاب المثقفين ولا غير و لا نستطيع أن نتوقع بأن يعتنقها الآخرون. فى المقابل،
إن كان خطاب الإيدئولوجى بسيط و سهلا، يفهمه كل فئات الشعب بسهولة. كان الخطاب
البسيط للماركسية طوال 70 سنة أحد أسباب إنتشارها. لأنَّ الماركسية رغم أنَّها
كانت تغذّى المثقفين بلغتها الخاص، ولكنها كانت تتعامل مع الجماهير بخطاب خاص لها
و القسم الأخير يمكن تطبيقه على السلفية إذ لها خطاب سهل و خاص مع عامة الشعب.
3.
الإيمان العميق: أحد أسباب حدوث نوع من الجذابية لهذه الجماعات الإرهابية هو
الإيمان الراسخ على العقيدة الباطلة التى نراها عند متزعمى هذه الجماعات بحيث نرى
كثيرا من أفرادها يحبون الموت فى سبيل عقيدتهم الباطلة. تثبت العمليات الإنتحارية
التى يقوم بها أفراد هذه الجماعت مدى الإيمان العميق عند هولاء الأشخاص. و لعلّنا
نستطيع القول بأنَّ أفراد هذه الجماعة يومنون بطريقتهم الباطلة أكثر من المنافسين.
4.
البنية المعقَّدة لهذه الجماعات؛ تقع الجماعات الإرهابية من حيث التنظيم من
المنظمات غير معمولة. و لهذا تتمتع من بنية معقدة غير قابلة للنفوذ. لا تشنُّ هذه
الجماعات حروبهم بالشكل المتعارف عليه و هذا الأمر يجعل التخمين لإجراءات و
عملياتهم المستقبلية أمر صعبا للغاية. من جهة أخرى، تتمتع هذه الجماعة من طاقة
كبيرة لإعادة القوى فعلى سبيل المثال نشاهد يعيدون تنظيمهم بسرعة بعد مقتل أحد
متزعميهم.
5.
إستخدام الأساليب غير متعارف عليها فى الحرب كالحروب غير المتماثلة؛ فى الحروب
التقليدية المتماثلة عندما تتلقى جهة ما ضربة فى منطقة ما يقوم بإلحاق ضربة مماثلة
فى نفس المنطقة ولكن فى الحروب غير المتماثلة ليس الأمر كذلك و عندما تتلقى جهة
ضربة، سيكون الرد بشكل آخر و على مستوى غير متماثل فى منطقة آخر. لا تتبع الجماعات
الإرهابية بسبب عدم تمتعهم من الدعم اللوجستى و عدم المهارة الكافية فى الحرب، هذه القواعد الحربية و
هذا الأمر يودى إلى تحقيق نجاحات كثيرة لصالحها. الحرب غير المتماثل تجعل عملياتهم
المستقبلية غير قابلة للتكهن.
6.
إستغلال الإستياء الشعبى العام فى البلدان الإسلامية: أحد أهم أسباب نجاح داعش و
إنتشارها فى العراق هو إستغلال السخط الشعبى العام فى قسم من المحافظات العراقية.
ما كان لداعش بقوامها 15 ألفا أن يحقق نجاحا فى المحافظات العراقية، ولكن حينما
إستمال قلوب الشعب، ضمن بقائها لمدة و لو قليلة. سيطر داعش على محافظات كان الشعب فيها
غير راض عن الحكومة العراقية و كان السبب لهذه المشاكل فى كثيرمن الأحيان قصور
الحكومة. كانت لهذه الإعتراضات بعد إقتصادى و سياسى تسببا عن موجة إنتقادات كثيرة
على الحكومة. فعلى سبيل المثال كان عدد كبير من زعماء الكتائب العراقية السابقين
على مناصبهم و ينتظرون الثأر من الوضع الحالى.
7.
استخدام تكتيك نشر الشائعات و الحرب النفسية؛ كما يصرح شمس الواعظين أنَّ «داعش
يقطف ثمار مهارته فى خلق و نشر الشائعات و الأكاذيب. هذا و طبقا للقواعد العسكرية،
تحتاج الجهة المعادية للسيطرة على الموصل إلى عدد كثير من الكتائب المدرعة و
البرية و الغطاء الجوى و إتصال جغرافى ولكن ما طرحت هذه الفكرة على خاطر شخص بأنَّ
كيف تمكنَّ داعش من تجميع كل هذه القوى و الطاقات، بعيدا عن مراقبة الوحدات
الأمنية العراقية. هناك فى الحروب النفسية مصطلح إسمه «نبأ أو خبر التمنّى» التى
تطلق عادة على الشائعات. بعبارة أخرى، تتمنى القوى المنتشرة للشعائعات أن تتحقق
الأكاذيب التى قد روَّجها من قبل و فى هذه الحالة لا بدَّ للطرف الآخر بأن يتمتع
من وعى كامل للتحليل و دراسة أساليب العدو فى إستخدام أدوات الحرب النفسى لحتى لا
يقع فى كمينه. جدير بالإشارة بأنَّ الأوساط الخبرية و النفسية الكثيرة تهتم بهذا
الأسلوب المتبع من قبل داعش فى شمال العراق و تروِّج له كموضوع جذاب قابلة للبحث و
الدراسة»[37]
8.
إستخدام الأساليب الدعائية الحديثة كقنوات التواصل الجمعى. على الرغم من أنَّ
الجماعات السلفية مخالفة للحداثة و التجدد ولكن أجادت الاستفادة من الأدوات
الدعائية الحديثة
كوسائل الإعلام الإفتراضى و الفيسبوك و توئيتر و ... تمتلك هذه الجماعات 57 قناة
بث فضائى و إضافة إلى ذلك يتم نشر أحدث الأنباء المتربطة بها فى الفيسبوك و
توئيتر.
9.
استغلال أعضاء عوائل المقتولين فى التجنيد؛ تستغل الجماعات السلفية من عوائل التى
فقدت فلذات أكبادهم. هذه العائلات فى الغالب تكون مطالبة للثأر من الحكومة و
مستعدين لأنّ يزهقوا بأرواحههم فى هذا السبيل و هكذا تستغل هذه الجماعات من الظروف
النفسية الخاصة عند هولاء الأفراد و يجعلون منهم ضحية لهم.
10.
إستخدام المصادر المالية الموثوقة بها و الكبيرة: تلقَّى داعش و النصرة الدعم
المالى القطرى و السعودى و إنتشر بسرعة. إضافة إلى ذلك، سيطر داعش على بعض من
المصافى النفطية و قام بتصدير النفط. كما مدَّ يده فى بعض الأحيان إلى الأموال
العامة و حتى الخاصة منها مصادرة 450 ألف دولار فى مرة واحدة بعد السيطرة على
الموصل و هكذا رفع رصيده المالى إلى ميليارين دولار.
11.
البراغماتية: تعتبر إحدى أهم ميزات هذه الجماعات السلفية التى تكون على صلة وثيقة
مع الميزة المذكورة فى الفقرة الماضية، هى النزعة البراغماتية الشديدة لديهم. و
تكون هذه الميزة إلى درجة جعل السلفية بأن يقبلوا خلافا لما يدعى من معارضتهم
للحداثة و المفاهيم الغربية، الدعم الغربى أو يمكن أن يكون بينهم و الدول العربية
خلاف حادّ ولكن يغتنمون الفرصة المتاحة الحاصلة على أساس نظرتهم البراغماتية.
12.
استقطاب الجماهير المعادية للغرب: نرى النزوع المعادية للغرب و إسرائيل بشكل قاعدة
كلية فى الطبقة السفلى من المجتمعات العربية. و هكذا إستغلت الجماعات السلفية هذه
النزوع. إضافة إلى ذلك هناك ميول معادية لإسرائيل و الغرب عند كثير من المثقفين
الحاملين للشهادات الجامعية و تسبَّب هذا الأمر بدوره عن ظاهرة فريدة فى المجتمعات
المسلمة نستطيع تسميتها بال «المهندس المسلم». بعبارة أوضح، هناك فى المجتمعات
الاسلامية أشخاص كأسامه بن لادن حصلوا على شهادات علمية راقية ولكن عقليتهم هى
السلفية. بعبارة أخرى، وضع هولاء الأشخاص الجوانب المعرفية للحداثة و التجدد جانبا
و قد جمعوا بين السلفية و الجوانب التقنية له.
13. الإنتفاع من خلفيات اليأس فى البلدان الغربية: نرى فى العقود
الأخيرة موجة من المهاجرين الذين ينحدرون من العالم الثالث إلى البلدان الغربية.
هناك باحثون كبسام الطيبى يسعون لتنظير كيفية عيش المسلمين فى البلدان الغربية فى
إطار «الإسلام الثقافى»[38]. يسعى الطيبى من جهة لنقد الإسلام السياسى[39] و من جهة أخرى يحاول عرض الإسلام الثقافى كبديل للإسلام السياسى[40] لكن لن تحظى أطروحة الإسلام الثقافى بالقبول عند الجماهير المتطرفة
و لهذا يميل هولاء بسبب اليأس من الثقافة الغربية إلى هذا النوع من الإسلام
الأصولى. وفقا لإحصائيات المنتشرة من قبل وسائل إعلام الأروبية، كان لقرابة ثلاث
آلاف شخص من سكان أروبا دور هام فى العمليات الإرهابية التابعة للجماعات السلفية و
هذا الأمر من شأنه أن يكون خطرا على حد ذاته للبلدان الأروبية أيضا.
14.
إستبدال الجانب الداخلى الوطنى بالجانب الدولى و العالمى: يحمل الإعلام عن أهداف
دولية و عالمية معها نوعا من الجذابية. الجماعة التى تحدد نفسها فى إطار منطقة
صغيرة معينة لا تستطيع جذب القلوب و الأفراد إلا على قدر رويتها الخاصة ولكن جماعة
تجعل من القتال مع الشيعة و الحداثة هدفاً لها و تتطلع للسيطرة على المسجد الحرام،
لها أهداف و أجندات أخرى التى تكون فى الغالب طويلة المدى.
تفكيك
السلفية:
طبقا
لنظرية الخطاب، لا توجد أى حقيقة وراء الزمان و المكان و تتبنَّى الماهية الرئيسة
لكل خطاب على جعل الخطاب المخالف بمنزلة الآخر. فى الحقيقة نحن نتكلم الآن عن
عملية التفكيك[41]
أو التقويض الذى يفسح المجال للنص بأن يعطى معان متعددة و متنوعة. بعبارة أخرى،
التفكيك عبارة عن إخراج النص من إطار المعنى المحدد الذى قد تبادرت إلى الأذهان من
وجهة نظر و روية واحدة. على هذا الأساس، تحاول التفكيكية بنزع المركزية الدلالية من النص و يطلق
سراحه من التقييد فى إطار معنى واحد؛ تعتقد التفكيكية بأنَّ الكلمات و الجملات لا
تتمتع من قطعية دلالية و لا تدل على مفهوم أو معنى واحد غير قابل للتغيير. إذن،
يمكننا أن نقوم بتأويل كل النصوص و بغض النظر عن معناها القريب و الظاهر، نستطيع
أن نقوم بتحليلها من وجهة نظر التأويلات و المقاربات المختلفة. بعبارة أدق،
التفكيكية هو نوع من الإصرار و السعى لتقويض المدلولات الثابته للنص و الزج به فى
مسار المعانى و المدلولات المتنوعة[42]
و
طبقاً للنظرية التفكيكية إذ أخذنا الثنائيات المتضادة (أو الثنائيات المتقابلة)[43] من نصٍّ
ما، لا يبقى أىَّ حقيقة أو ماهية له. و طبقا لهذه النظرية يمكننا القول بأنَّ
الماهية الأساسية للسلفية إبتنت على أساس جعل الحداثة و الشيعة بمنزلة الغير أو
الآخر[44] و
التنامى السريع لهذا المكتب، إلى حدّ كبير مرهون إلى الخلفيات و الأرضيات
الإجتماعية و السياسية فى البلدان الإسلامية. بالعودة إلى مبحث الثنائيات
المتضادة، نستطيع القول بأنَّنا إن ننزع هذه الثنائيات من خطاب السلفية، نرى
بأنَّه لا توجد هناك فى نظريتهم أى حقيقة. ينادى السلفيون إلى الحقِّ أمام الباطل
و القيام و الجهاد أمام القعود و العودة و السلفية فى نقطة التقابل مع الحداثة و
التجدد؛ و فى هذه المعادلة إن نقوم بشطب الجهة المخالفة لها نرى بأنَّ السلفية لا
تحمل فى طيَّاتها أى حقيقة. بعبارة أخرى، إنَّهم قد حصلوا على ماهيتهم السلفية،
بجعل الخطاب المخالف لهم بمنزلة الآخر أو الغير و لهذا فسح تواجد الدول الغربية
العملاقة فى المنطقة المجال لهم بالتنامى و الانتشار بشكل أسرع من قبل. هكذا جعلت
السلفية من جهة من الشيعة و من جهة أخرى الغرب منزلة الغير و الآخر و تقوم بهذا
الأسلوب بتضخيم دورها. فى هذا المجال يجدر لنا بپالإشارة بأنَّ نظرية التفكيك
مابعد الحداثى، يمكن تطبيقها على كل خطاب و حتى على خطاب إحياء الفر الدينى و
التنوير الدينى و ليس تطبيق هذه النظرية منحصرة فى السلفية فحسب.
تعيين الحدود بين إحياء
الفكر الدينى و التنوير الدينى:
يبدو
التمييز بين التنوير الدينى و إحياء الفكر الدينى أمر ضرورياً. يجعل التنوير
الدينى بحكمه التنويرية العقل الحديث أساسا لكل شىء؛ ولكن بما أنَّه إصطبغ
بالصبغة الدينية يفترق عن التنوير العلمانية غير الدينية. ولكن فى إحياء الفكر
الدينى، الأساس هو الدين ولكن يسعى هذا الإتجاه لعرض قراءة و مقاربة حداثى و متجدد
منه بحيث يكون متكيفاً مع مقتضيات الحياة المعاصرة كالديمقوطراطية و حقوق البشر.
يسعى إحياء الفكر الدينى، خلافاً لما نراه فى الإتجاه التقليدى، للحصول على
إستنتاجات منطقية من الدين. فى الإتجاه التقليدى، كالإتجاهات الفقهية المتعددة،
ليس التجدد مسألة هامة و لا يوجد أىُّ إهتمام له. من وجهة نظر الفقهاء التقليديين
ليس من الضرورى بأن يكون تقارن بين الفتاوى الفقهية و ما يقتضيه العقل الحديث
كالديموقراطية و حقوق الانسان. لكن إتجاه إحياء الفكر الدينى، لا يمكنه الوقوف جانبا
و مشاهدة التعارضات الموجودة بين الفتاوى الفقهية و معطيات العقل الحديث و لهذا،
يقوم حينا بنقد الإجتهاد التقليدى و حينا آخر بنقد العقل الحديث.
يعتقد
البعض بأنَّ هناك تعارضا دائما بين التنوير و الدين؛ لأنَّ المتنوِّر حرٌّ من كلِّ
ما يقيِّده؛ و فى المقابل الإنسان المتدين يومن بديانة خاصة و لا يمكن له أن يكون
حرَّا بشكل مطلق. على هذا الأساس، يعتبر هذا البعض «التنوير الدينى» عبارة
متناقضة. من وجهة نظر هولاء الأشخاص، يتلخص المتنور الدينى فى ثلاث ميزات: التعقل
المنطقى (جعل المجتمع بأن يتخلص من التعقل غير المنطقى)، إطلاق المجتمع من قيد
الجمود و الجزمية، إطلاق الشعب من التقليد و التلقين[45]. و هذه
الإشكالية لا يمكن إيرادها على إحياء الفكر الدينى، لأنَّ أصحاب هذا الإتجاه
يهتمون فقط لعرض مقاربة عن الدين تكون أكثر منطقية و متكيفة مع مقتضيات الزمان. فى
إحياء الفكر الدينى، بما أنَّه لا توجد قراءة عن الدين تكون على أعلى مستوى التكيف
مع التجدد و الحداثة، لا نجد فيها أىَّ نوع من التناقض. بعبارة أخرى، ليس الهم
الرئيسى لإتجاه الإحياء، عرض قراءة أكثر عقلانية و تجددا عن الدين. التعقل و
التجدد الحديثين ترتبطان بالأدلة الخارجة عن الدين. يلتزم الإحيائيون أنفسهم بظاهرتين غير متقارنتين ولكن يحاولون بأن
يكونوا على قدر المستطاع وافيين إلى كليهما.
إن
الفارق بين إحياء الفكر الدينى و التنوير الدينى من جهة فى مجال المعرفة و من جهة
أخرى فى المنهجية. على سبيل المثال، ليست وجهة النظر لهذين التيارين فى موضوعات
معرفية على حد سواء. إضافة إلى ذلك، تختلف نظرتهما إلى المناهج المعرفية و
الأساليب المنهجية المستخدمة فى المباحث الفقهية و الاجتهادية. و هناك على الأقل
ثلاث فوارق رئيسة بين التنوير الدينى و إحياء الفكر الدينى. فى البداية، يجعل
التنوير الدينى العقل الحديث أساساً و قاعدة له و يقوم بتفسير الدين على هذا
الأساس؛ هذا و يعتقد إتجاه إحياء الفكر الدينى بأنَّ العلاقة بين العقل و الدين
تكون علاقة تعاملية. و يكمن الفارق الثانى فى رويتهما إلى الفقه السياسى و الفقه
الإجتماعى؛ إذ هذان المبحثان عند المتنورين الدينيين غير معتبران أساسا و لكن
يهتمُّ الإحيائيون لهما إهتماما بالغا. و الفارق الثالث هو أنَّ التنوير الدينى من
شأنه أن يمهِّد الطريق إلى العلمانية.
يمكن
طرح «نظرية الإلتقاء» على أربعة مستويات: إلتقاء المناهج المعرفية كالعقل و النقل،
التعامل بين النصية و السياقية (كبحث منهجى)، التعامل بين الفلسفة السياسية و
الفقه السياسى (فى مجال الفكر السياسى للإسلام) و التعامل بين السنة و التجدد (فى
مجال بحث العلاقة بين السنة و الدين من جهة و الحداثة من جهة أخرى). و لا شكَّ أن
نظرية الإلتقاء تقع فى إطار إحياء الفكر الدينى و لا غير. و طبقا للفوارق الثلاثة
التى ذكرناها بين هذين الإتجاهين، تنظر نظرية الإلتقاء نظرة تعاملية مع الدين و
التعقل و يعير إلى الفقه السياسى إهتماما بالغاً و يعيِّن الحدود بينه و بين
العلمانية بشكل واضح. فى مجال التوقع من الدين، البعض يتوقع منه بأعلى مستوى ممكن
و البعض لهم أدنى المطالب. القسم الأخير له مطالب أدنى من الدين كأصل المبدأ و
المعاد و فى المقابل، للقسم الآخر تطلعات أكثر و يدعى بأنَّ الدين وضع النقاط على
الحروف فى جميع المجالات منها السياسة و الإجتماع. تعتقد هذه المقالة بسبب تبنيها
فكرة الإلتقاء بقسم ثالث يقع فى موقع المتوسط بين النظرية القائلة إلى حد الأدنى و
حد الأعلى من التوقعات. لا يعدُّ التنوير الدينى الفقه السياسى و الإجتماعى أمرين
تاريخيين فلهذا لايحسبهما معتبرا. ولكن نظرية
الإلتقاء لا يستطيع أن تقف مكتوفة الأيدى حيال الأوامر و النواهى التى وضعها
الشارع. هناك أحكام فى الفقة الإسلامى لا يعرف الزمان و المكان و قد أراد الله
تبارك و تعالى بأن يكون كلّ المجتمعات ملتزمة بها طوال التاريخ. فعلى سبيل المثال،
تكون الموضوعات المرتبطة بسعادة الانسان من المواضيع التى لا يمكن وضعها فى إطار
زمنى أو مكانى محدد. إحياء الفكر الدينى و نظرية الإلتقاء تريان طاقات فى الفقه
الاسلامى تجعل منها أمر منطقيا و قابلة للأخذ. و هذا الأمر، ضرورى لجذب الشباب إلى
الدين و الحوول دون تركهم للدين[46]. فى المقابل، المقاربات العنفية و السلطوية من الدين لا
يمكنها التكيف مع العقل البشرى و لهذا تتسبب بظاهرة الهروب من الدين. و جديرٌ
بالذكر بأنَّ هناك أيضا فى القراءات التقليدية من الدين، كلٌّ من النظريات
السلطوية و غير السلطوية. الرسالة التى يرى إحياء الفكر الدينى على عاتقها هى
عبارة عن النقد السلبى لبعض من المقاربات و القراءات التقليدية السلطوية للدين من
جهة و عرض مقاربة إيجابية منطقية ديموقراطية منه من جهة أخرى. ليس الهدف من إحياء
الفكر الدينى، فرض المفاهيم الحداثية على التقاليد و السنن لكن ما يدعيه هذا
الإتجاه، أنَّ الاسلام فى ذاته يكون ديموقراطية و مخالفاً للسلطوية. والدين
الاسللامى برىء تماما عن السلطوية و العنف و المعاداة للتعقل و حقوق الإنسان. و
على هذا الأساس يمكننا عرض المفاهيم الحداثية على السنة حسب تقدير قابليات
المفاهيم الحديثة[47]
كما
أشرنا سابقا، هناك مشتركات بين نظرية الإلتقاء و إحياء الفكر الدينى من جهات
مختلفة؛ بعبارة أدق، يمكن للالتقاء كإتجاه[48]
أو نظرية[49] أن يكون
مطروحا فى خطاب إحياء الفكر الدينى. و يبدو بأنَّ سر نجاح هاتين النظرتين يكمن فى
تمسكهما بالمنهج الوسط. قلنا آنفا بأنَّ هناك إتجاه يفسح المجال للفقة إلى أعلى حد
ممكن و يعتقد بأنَّه يمكنا البحث عن كل حاجة للبشر فى النصوص الدينية و هناك أيضا
إتجاه مقابل ينزل من
أهمية الدين إلى أدنى حد ممكن و يجعله محصورا فى المفاهيم الكلية كالمعاد. و إحدى
المسائل الهامة فى إحياء الفكر الدينى فى مجال نقد هذين الإتجاهين هو تعيين حدود
العقل البشرى. يكون العقل البشرى من منظار الإتجاه الأخير (حد الأدنى) مستقلا و من
المنظار الأول (حد الأعلى) غير مستقلا. يزعم الإتجاه الأول بأنَّ الانسان مخلوق له
غاية خاصة و مركب من الجسم و الروح و هذا المخلوق له حاجات مادية و روحية و يكمن
سر كماله فى تأمين حاجاته الروحية. من جهة أخرى، لا يتمكَّن العقل البشرى من معرفة
الحاجات الروحية و المتعالية للإنسان و تأمينها بوحده بل يحتاج إلى دليل يرشده. و
تكمن إحدى الفوارق الأخرى بين هذين الإتجاهين فى تفسيرهما عن الدين، يعتقد أصحاب
الإتجاه الأول (حد الأعلى) بسبب المرجعية المنحصرة للدين، بأنَّ هناك فقط إحدى من
التفاسير و القراءات المختلفة للدين تكون معتبرة و قابلة للإستناد و لكن فى
المقابل، يصرِّح معارضو هذا الرأى على عدم امكانية المرجعية الواحدة لفهم الدين و
ذلك بسبب وجود الاستنتاجات و القراءات و المقاربات المختلفة عن النصوص الدينية
والتى يكون واقع غير قابلة للإنكار فى الفكر الدينى. و من وجهة نظر هولاء الأشخاص
(أصحاب التعددية)، حذف التعددية أمر غير ممكن و غير مطلوب.
على
الرغم من أنَّ البعض من المتنوّرين الدينيين يستندون إلى النصوص المقدسة فى الشوون
الاجتماعية و السياسية، ولكن النزعة الغالبة لديهم هو الرجوع إلى العقل و العلم،
بدلا من المراجعة و الاستناد إلى الروايات و الآيات. فعلى أساس هذا الرأى، الهدف
من الدين هو إيجاد علاقة معنوية بين الإنسان و الرّب و تكون المسائل الأخرى
(كالسياسية و الاجتماعية) من صلاحيات العقل البشرى. يعتقد سروش بأنَّ الهدف من
الفقه هو رفع الخصومات بين الناس و هذا الأمر يقع فقط عند تزاحم الحقوق؛ و أيضا
يرى بأنَّ الشوون السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ليست فى ذاتها دينية و لا
نستطيع أن نتوقع من الدين بأن يبيِّن الأحكام الإجتماعية و كيفية إدارة المجتمع و
الحد من التضخم، بل الدين جسر بين البشر و الربّ و لا يكون دستورا أو كتاب قانون.
برأيه، ليست العلمانية إلا جعل الإدارة للمجتمع أمر علميا و عقليا. العلم و الدين
موضوعان مختلفان ولكن رغم ذلك لا يتعارضان بعضهما البعض[50].
يعتقد كثير من أصحاب الإتجاه القائل بالدور الأدنى للدين، بأنَّ
الشوون السياسية و الإجتماعية ما كانت من البداية جزءا من الأديان. و إن أشيرت فى
النصوص المقدسة إلى الشوون الاجتماعية كان ذلك من باب الإهتمام إلى الشؤون
الإنسانية فقط. و يكون الاستدلال فى هذا الرأى على الشاكل التالى: إن كان من
واجبات الدين التطرق إلى الشؤون الإجتماعية، كان يجب أن تتناولها كل الأديان و لكن
الأمر ليس هكذا. للإجابة عن الإستدلال المطروحه نستيطع أن نستند إلى أصل التداوم،
يكون الإدعاء بأنَّ المسائل الاجتماعية ليست من واجبات الأديان (و حتى ما كان فى
عهد الرسول) و على هذا الأساس لا نستطيع أن نثبت تعممه إلى العهود الأخرى.
إحدى
الجوانب الإيجابية للنزعة فوق النصية هو الإهتمام بالبراهين العقلية و الجانب
الآخر هو الإكتراث إلى الحسن و القبح العقلى. يعتقد المعتزلة خلافا للأشاعرة بأنَّ
الأفعال تحمل فى ذواتها الحسن و القبح و الله تبارك و تعالى بسبب حكمته يحكم إلى
الحسنات و ينهى عن السيئات. فى المقابل يرى الأشاعرة بأنَّ العقل البشرى لا يكفى
لأنَّ الإنسان لا يدرى ما هو الحسن و ما هو السيىء لذا علينا الإحتكام إلى قول
الله فعلى هذا الإساس كل ما أمره الله حسن و كل ما نهى عنه سيئءٌ. إن يدخل الله
المؤمنين الجنة فهذا عمل حسن و إلَّا فهو أمرٌ سيىء. يقع الشيعة فى دائرة العدلية
أى الذين يؤمنون إلى الحسن و القبح العقلى؛ و لكن مع الأسف لا يستفيد الفقهاء عند
التطبيق من مبحث الحسن و القبح. و لهذا السبب أصحاب النظرية القائلة بالأسلام
الأدنى يتكلمون عن إحياء تجربة المعتزلة.
طبقاً
لنظرية الإلتقاء و إحياء الفكر الدينى، توجد هناك نقطة ضعف عند المتنورين و ها هى
شعورهم بعدم الحاجة إلى النصوص الدينية فى الشؤون الإجتماعية و عدم إعتدادهم إلى
الفقه السياسى. وفقا لنظرية الإلتقاء، ليس طريق العودة إلى الأدلة المنصوصة فى
القرآن مسدودة؛ إما كان الدين قد تناول المسألة بشكل جزئى أو بشكل عام، فعلينا
بالأخذ و أما ما بقى منها فهو من صلاحيات العقل البشرى. للأدلة فوق النصية و
الخارجة عن نطاق الدين تقدمٌ رتبة على نظيرتها النصية و الدينية. لكن حديثنا فى
هذا المجال هو التأكيد على أنَّ الأدلة فوق النصية ليست فصل الخطاب فى كل المواضع
فعلى هذا، يمكننا المراجعة إلى الأدلة
المنصوصة. و الكاتب فى مدعاه هذا، قام بنقد نظرية الوكالة ل (مهدى الحائرى) و
نظرية حكومة الديموقراطية الدينية ل (عبدالكريم سروش) و الهرمونوطيقيا الدينية ل
(محمد مجتهد شبسترى) و العلمانية ل (مصطفى ملكيان)[51]
الجدول 1: مقارنة بين التنوير الدينى و إحياء الفكر الدينى
الفکر
الدینی
المعاییر |
التنوير الدينى |
إحياء الفكر
الدينى |
مصدر المعرفة (العقل) |
العقل الحدیث |
الرؤیة
التعاملیة الی الدین و العقل الحدیث |
الفقه السیاسی |
عدم الاعتداد بالفقه السیاسی
و الاجتماعی |
الاعتبار المقید للفقه
السیاسی و الاجتماعی |
العلاقة بین العقل و الدین |
اعطاء الاولویة الی العقل
فی تعارضه مع الدین |
النظر الی
الدین عند تعارضه مع العقل |
الادله النصیة و فوق
النصیة |
الاعتماد علی الادلة
الخارجة عن النص |
الاعتماد علی الادلة
النصیة و فوق النصیة |
العلمانیة |
النزعة الی
العلمانیة |
تعیین الحدود
مع العلمانیة |
المنهجیة
الدینیة |
الاعتماد علی الادلة
فوق النصیة |
الاعتماد علی الادلة
فوق النصیة اضافة الی الاجتهاد المصطلح |
المواجهة
بين السلفية و إحياء الفكر الدينى
على
الرغم من أنَّنا ميَّزنا بين إحياء الفكر الدينى و التنوير و طرحنا التنوير بمنزلة
الآخر لإحياء الفكر الدينى. ولكن هناك الآخر الرئيسى لإحياء الفكر الدينى هى
السلطوية و السلفية و فى هذا المقال حدَّدنا البحث لآخر الثانى (السلفية).
يتشكل
الدين من القشرة و النواة[52].
النواة الرئيسية للدين هى المعنوية و الأخلاق و قشرته هى الأحكام الظاهرية الشكلية التى ورثناها من الأدلة
الروائية و النقلية. إحياء الفكر الدينى يؤكد على النواة الرئيسية للدين و لهذا
يسعى أن يعرض خطاب أكثر عقلانية و أقرب إلى الحداثة عن الدين. و فى المقابل تؤكد
السلفية على الظاهر و القشر و لهذا، تعتبر الظاهرية و النقلية. على حسب رأى
الشبسترى، الحل للخلاص من الأصول الإيدئولوجية للداعش هو الإعتراف على حقوق
الإنسان و ليس الكلام و الفقه الاسلامى. مع الإعتراف على حقوق الإنسان لا يحق لإحد
أو أى طائفة أو جماعة أن يقوم باسم الله ليقهر الشعوب و يتمسَّك بزمام النظم السياسى
و الإجتماعية للحكومة و يسعى للحفاظ على السلطة بالكبت و القهر خلافاً لرأى
الأكثرية[53]. يكون لإحياء الفكر الدينى والسلفية ميول فقهية ولكن الفارق يكمن فى
أنَّ إحياء الفكر الدينى يقع فى بنية الإجتهاد المصطلح و بحسب رأى الشيخ شلتوت و
احمد الطيب يعتبر من المذاهب الخمسة للمسلمين[54]؛ هذا فى حال، قد خرجت السلفية على المذاهب الأربعة لأهل السنة و
الجماعة و هذا أمر قد أشار إليه فيرحى فى موضع حديثه حيث يقول بأنَّ «الفقه السلفى
تنقسم إلى ثلاث مراحل: فقه إبن التيمية (قرن السابع و الثامن للهجرة)، فقه محمد بن
عبدالوهاب (ظهر فى القرن الثانى عشر الهجرى) و فقه السلفية المعاصرة التى قد بدأت
من عام 1994 حتى اليوم. يكون المؤسس للتيار الجامى هو محمد امان الجامى الأصولى
الذى كان على صلة وثيقة مع المملكة السعودية ولكن تيار السرورية يكون أشد تشددا.
ولدت من تيار السرورية أفكار مشايخ الصحبه و قامت هذه الجماعة بإعادة النظر فى
الفكر السلفى و يحاولون التعرف على العالم الحديث و الإستفاده من أدواته الحديثة ك
فيسبوك و تويتر. و يواجه التيار التكفيرى هذا التيار. عدا الإخوان المسلمون، يكون
الفكر السلفى فى الظاهر أكثر الفقه فى السنى تنويرا؛ لأنَّه لا يلتزم إلى المذاهب
الأربعة و لهذا يكون فقها دون المفتى. إضافة إلى ذلك يدعم العنف و يقوم بالتجنيد
من بين المثقفين فقط. للفقه السلفى ثلاثة أركان رئيسية و هو" التوحيد"
و" الإتباع" و" التزكية" و هذا تنتج كل هذه الأركان الثلاثة
العنف. يعتقد السلفيون فى التوحيد بالإيمان بالصفات و
الأسماء الألهية بشكل ذكرت فى القرآن دون السعى للتأويل و فى التوحيد
يصرون على الإجتناب من الشرك فى العباد و من هذا المنظر تكون السلفية على خلاف مع
الشيعة. ترى السلفية بأنَّ حق التشريع بيد الله تبارك و تعالى و لهذا تقوم بنفى
القوانين المسنَّنة و لا تعتقد بالأمور المباحة و من هذا المنطلق تكتشف نزوعهم
المعادية للحداثة. السلفية تيار شمولى تنفى الحدود الدولية و النظم السياسى
الحالية»[55]. خلافاً لمحمد فتحى عثمان، يسعى محمد سعيد البوطى فى كتابه السلفية
مرحلة زمنية مباركة لا مذهب اسلامى، فى خضم دفاعه عن الفكر السلفى ليشير إلى أنَّه
لا يجب علينا أن نتعامل مع السلفية بصفة المذهب[56]. يجدر بالإشارة بأن السلفية و إن كانت تعتبر المذهب، قد خرجت عن
الإطار الرسمى للمذاهب.
طبقا
لنظرية إلتقاء النص و السياق يلزم لنا الإشارة بأنَّ دراسة خطاب إحياء الفكر الدينى
والسلفية لا بدَّ و أن تدرس فى الخلفيات السياسية و الإجتماعية. لكن المهم هو أنَّ
الإنتشار الُسريع للسلفية مرهون بالأزمات الدولية و التحولات فى الشرق الأوسط منها
الربيع العربى-. فلهذا يمكننا الإدعاء بأنَّه فى ال إحياء الفكر الدينى يتقدم
الرأى على العمل و لكن فى السلفية على العكس تماما و لأنَّ فيها تعطى الأولوية
للعمل بدلا من الرأى. حيال تشكل السلفية، يمكننا القول بأنَّه كان هناك فى البداية
بعض الأحداث التى أقيمت فيما بعد على أساسها هذا الفكر السلفى. الموقف الذى إتخذه
هذان الإتجاهان تجاه الحداثة مختلف عن بعضهما تماما. تعارض السلفية الحداثة و
التجدد ولكن إحياء الفكر الدينى ينظر إلى الحداثة فى بعض ألأحيان بالنظرة سلبية و
فى بعض آخر بالنظرة الإيجابية. و هذا الأمر فى نفسه لا يستلزم إغفال التراث و عدم
إتخاذ إتجاه نقديه تجاه الحداثة و التجدد.
ظاهرة
التكفير لها جذور فى فكر الخوارج. كان يعتبر الخوارج الناس إما مومنا وإما كافراً
و ما كان فى عقيدتهم حالة وسطى كحالة ثالثة و لهذا كانوا يعدُّون أصحاب الذنوب من
الكفرة[57]. و خلافا
للخوارج كانت عقيدة الشيعة قائلة بوجود الحالة الوسطى بين الكفر و الإيمان و هذه الحالة قد سميت فى عقيدتهما بالفسوق
أو الفسق. و بالنسبة إلى المذاهب الأخرى ما كان أبوحنيفه و الشافعى يكفران الناس
بسبب معتقداتهم و لكن عبدالقادر الجيلانى (المتوفى 562 ق) موسس المذهب الحنبلى
للطائفة الصوفية القادرية كان يرى بأنَّ كل شخص يخطىء فى قراءة الحمد و السورة
فهو كافر[58]. و كان ابن التيمية على الرغم من تمييزيه بين التكفير المطلق و
التكفير المحدَّد ولكن على كلِّ حال كان الموسس الأول للفكر السلفى التكفيرى[59]. قد تشكل الفكر التكفيرى على أساس إنتساب الآخرين إلى الكفر. داعش
جماعة نستطيع أن نرى فيها أعلى نوع من التفكير من حيث التشدد، لأنَّه يعتبر كل من
يرفض البيعة مع الخليفة مهدورالدم سواء كان شيعياً أم سنيّا، عسكرياً أو مواطنا
عاديا. إنَّهم يزعمون بأنَّ سلاح التكفير أسهل طريق ممكن لإقصاء الطرف الآخر لحتى
لا يضيِّعوا وقتهم فى الإستدلال على حسب زعمهم. على أساس هذه العقيدة، تكفير الآخرين
ليس أمر مباحاً فحسببل هو مقدمة ضرورية للجهاد الشرعى معهم. الفكر السلفى ينشأ من
كتابات ابوالعلا المودودى.
الجدول 2: مقارنة إحياء الفكر الدينى و السلفية
الاتجاه المعاییر |
نواندیشی
دینی |
سلفی گری
(افراطی) |
الابعاد المختلفة للدین |
الاهتمام بنواة الدین |
الاهتمام بالشکل و القشر
للدین (الظاهریة) |
مصدر المعرفة |
التعقل |
النقل |
فهم النصوص الدینیة |
التأویل |
الظاهریة |
دور الظواهر الحدیثة
فی تفسیر الدین |
تفسیر الدین
علی اساس التعقل (و الدیموقراطیة و حقوق الانسان) |
تفسیر الدین
دون الاهتمام بالتعقل (و الدیموقراطیة و حقوق الانسان) |
الجهاز المعرفی |
یتمتع مع الانسجام
تقریباً |
غیرمنسجم و مبهم |
الاطار المذهبی |
الالتزام الاطار
المذهبی |
خرج علی المذاهب
الاربعة |
اطار الاجتهاد |
فی اطار الاجتهاد و التقلید |
الخروج عن اطار الاجتهاد و التقلید |
العلاقة بین العمل و
الرأی |
اولویة الرأی علی
العمل |
اولویة العمل
علی الرأی |
الایمان و الکفر |
الاعتقاد بوجود الفسق
بین الایمان و الکفر |
عدم وجود الحالة الثالثة
بین الایمان و الکفر |
التجدد |
الالتزام بالتجدد بالنظرة النافذة |
المعادیة للتجدد |
الظواهر الحدیثة |
الاخذ بالظواهر
الحدیثة |
رفض الظواهر الحدیثة |
القانون |
القبول بالقوانین المسننة |
رفض القوانین المسننة |
التسامح |
التسامح الدینی |
التکفیر |
الجهاد |
اعتبار الجهاد من الفروع |
اعطاء الاولویة
للجهاد |
الحکومات الوطنیة |
امکانیة التعاون مع
الحکومات الوطنیة |
تکفیر الحکومات
الوطنیة |
مستقبل
السلفية و إحياء الفكر الدينى
تكون
إمكانية التكهن فى النظريات الوضعية أمر ممكن ولكن فى النظريات الناقدة لها موضوع
صعب للغاية[60].
يستدل مك اينتاير فى نقده للوضعية على هذه المسألة بأنَّ الإرادة البشرية تكون
بشكل قاطع على تضاد مع إمكانية التكهن[61].
بشكل عام هناك إمكانية لتكهن المناهج التى تعطى و تعرض قاعدة لتبيين الظواهر
الإجتماعية و التاريخية، فعلى سبيل المثال النظرة التاريخية بقوم بتحليل الحوادث و
تداعياتها الخاصة فى بطن التاريخ و لهذا يمكنه القيام بالتكهن[62].
على
هذا الأساس و نظراً للإنتقادات الهامة التى وجهت نحو الوضعية فى العقود الأخيرة،
سيكون من الصعب أن نتكلم عن مستقبل السلفية بالقطع و وجود الميزات الخاصة لهذه
سيزيد التكهن صعوبة. لا بدَّ أن نقوم بتمييز بين السلفية المتشددة عن السلفية المحافظة (كعلماء
السعودية). تعاظم القدرات لدى السلفيين و لا سيَّما داعش فى سنة 2014، يشير إلى
أنَّه لديهم طاقات كثيرة لجذب الجماهير المسلمة.
ولكن
على الرغم من كلِّ هذا، فإن هناك نقاطا عديدة يمكننا التكهن حيال السلفية على
أساسها و هذه النقاط تشير إلى أنَّ السلفية ستمرُّ من مستقبل مأزومة مبهمة و
مظلمة. فى البداية يجدر بالذكر بأنَّ التجدد أمر ضرورى فلهذا المستقبل لن يكون فى
صالح السلفية لأنَّ العلاقة بين التجدد و الفكر السلفى هو علاقة العكس لأنَّ
التجدد ينطلق نحو الأمام و السلفية يحاول العودة إلى الحالة السابقة. المسألة
الثانيه، عدم وجود أساس إيدئولوجية قابلة للدفاع عند السلفية؛ السلفية بسبب
إعتماده على الجماهير إختار نوعا من الإيدئولوجية الشعبوية و بالكادِّ لا توجد
فيها نصوص مستدل تؤيد الأصول السلفية. المسألة الثالثة التى تكون على صلة مع
السابقة هو طغيان العصبية و عدم تواجد المستوى العلمى فى أصحابها. أغلب أصحاب
السلفية من غير المثقفين و إن كانوا يحملون شهادات جامعية، ليست فى العلوم
الإنسانية. و هذا الأمر قد زاد الطين بلَّة و أدَّى إلى فقدان الأصول النظرية
لديهم. إضافة إلى ذلك، كان السبب وراء إنتشار السلفية فى العقود الأخيرة هو
الأرضيات و الخلفيات الدولية التى ربَّما لن تحدث فى المستقبل. بعبارة أدق، هذه
المسألة تؤكد على دور الأحداث الدولية على ماهية هذه الجماعات و فعاليتها. المسألة
الخامسة هو فقدان إستراتيجية السياسية عند السلفيين و لهذا نرى فى بعض الأحيان
يخوضون فى معارك فى جبهات مختلفة و هذا فى حال، الأصول و القواعد الحربية تقتضى
خلاف ذلك. ولكن السلفية قد أثبتت بأنَّهم مستعدِّون بخوض الحرب فى آن واحد مع
ايران الشيعى و الغرب و بعض من البلدان العربية. إن حصل نوع من الإجماع بين هذه
الجهات ضد السلفية، لن يكون المستقبل فى صالحها. كانت التيارات الإسلامية الأصولية
فى بعض الأحيان تتمتَّع من الدعم الغربى أو الشرقى، ولكن لن يدعم أىُّ من القوى
العملاقة الغربية التيارات المتشددة التكفيرية بأعمالهم المتوحشة.
أطروحة
إحياء الفكر الدينى إنتعشت بعدالثورة الدستورية فى ايران و بلغت ذروتها فى العقدين
اللتين تلتا الثورة الاسلامية. إذا ما أردنا أن نقيِّم نجاح إحياء الفكر الدينى،
لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ هذا التيار كان فى العقدين الأولين أنجح بالمقارنة مع
العقد الثالث.
لكن لا بدَّ أن نعترف بأنَّ
نجاح هذه الأطروحة مرهون إلى التحديات التى تحصل لها فى البلدان الإسلامية. فعلى
سبيل المثال مهَّدت حكومة الرئيس روحانى فى سنة 1392 الأرضية المناسبة لمعالجة
إحياء الفكر الدينى و إضافة إلى ذلك، تطور العلم فى العالم و نشر الشبكات
الاجتماعية و الحداثة و مقتضياتها كالديموقراطية و حقوق الإنسان من شأنها أن
تمهِّد الأرضية لفهم جديد من الدين.
النتيجه:
إن
وجه التضاد بين إحياء الفكر الدينى و السلفية يكمن في أنَّ الأول يؤكد على
العقلانية و الإستنتاجات المطابقة للحداثة من النص و الآخر له نزعة ظاهرية بحيث
يخالف التجدد و مظاهرها. قد حدَّدت اليوم فكرة إحياء الفكر الدينى حدودها مع
التنوير الدينى فى مباحث كالعلاقة بين الدين و العقل الحديث و العلمانية و مصداقية
الفقه السياسى. نظرأ بأنَّ إحياء الفكر الدينى ليس علمانياً و يحسب الحساب للفقه
السياسى، تقابل السلفية فى مواضيع عدَّة منها الإهتمام بنواة الدين، العقلانية،
التأويلية، التقيُّد بإطار المذاهب، التفكير فى إطار الإجتهاد و التقليد، الإعتقاد
بالفسق كمرحلة وسطى بين الكفر و الإيمان، التجديد الإنتقادى، أخذ المظاهر الحديثة
و تعريبها، أخذ القوانين المسنَّنة، التسامح و رفض العنف، إعتبار الجهاد من
الفروع، إمكانية التعاون مع الحكومات الوطنية.
لا
يمكن دراسة إحياء الفكر الدينى و السلفية باتجاه نصي و من خلال البحث فى الكتب و
المقالات فحسب، بل بالعكس لا بدَّ أن نقوم بتحليل السلفية على أساس إلتقاء النص و
السياق و ذلك بصفتها نصا فى المعادلات الدولية و الإقليمية. لأنَّ النص لا يخضع
للدراسة إلا فى السياق. بدأت الأزمة السورية من صيف 1391 من التقويم الايرانى و
إصطبغت بعد مدة قصيرة بالصبغة العسكرية و قد إنتهت فى خرداد 1393 من نفس التقويم
مخلِّفا 150 الف قتيل و هكذا حصل إقتراب بين إيران و الولايات المتحدة لأنَّ
البلدين وجدا أنفسهما عدوا مشتركاً. غاب أكبر عدد من التكفيريين و الجهاديين خلال
أسبوع من مشهد حرب يوره و حرب البعض إلى أوكراين و ذهب الآخرون إلى العراق. يشير
هذا الأمر بأنَّ يجب علينا فى البداية بأن نقوم بدارسة السلفية على أساس
منهج سياقى و يطرح أيضا هذا السئوال نفسه بأنَّ ما هو السبب فى أنَّ
أزمة ما تحصل خلال بضعة أيام و أو تتلاشى تماما. لا بدَّ لتحليل حدوث و زوال
الأزمات الدولية، أن نأخذ كل القوات المتورطة و لاعبى المشهدى الدولى بالإعتبار.
لاشكَّ بأنَّ إسرائيل هو الفائز الأول من الحرب بين الجماعات الإسلامية؛ و طبقا
لإدعاتهم بأنَّ القتيل كان من أىِّ جهة ستكون النتيجة فى صالحهم. دراسة العنف و
الإنتشار السريع للجماعات التكفيرية و السلفية فى البلدان الإسلامية لا تتم إلا من
خلال تحليل النص فى سياق العلاقات الدولية منها دور الدول العملاقة و إسرائيل و
بعض من البلدان العربية.
ستركب السلفية فى المستقبل القريب على أمواج الإعتراضات فى البلدان العربية و تصطاد من الماء العكر. ولكن ستواجه هذا التيار فى المستقبل مع مشاكل عديدة إذ إنَّه من جهة تخالف التجدد و مقتضياتها و من جهة آخر تعارض التجدد. لا يعنى سواد مستقبل البعيد للسلفية، زوال الكلى لهذا الخطاب بل طبقا لهذه النظرية، الخطابات تهمَّش ولكن تعود بعد مدة و تطرح. فى المقابل، يكون مستقبل إحياء الفكر الدينى، زاهراً لأنَّ من جهة للحداثة يكون السير مباشرا يتحرك إلى الأمام و من جهة أخرى، يسعى خطاب إحياء الفكر الدينى إلى أن يدافع عن الميراث الإسلامى مع أخذه بالتجدد. خطاب إحياء الفكر الدينى لا يرفض الحداثة و مقتضياتها و لا يعدل عن السنة و الدين و مستلزماتهما.[63]
[1] . (مجموعة مقالات المؤتمر العالمي آراء علماء الإسلام في التيارات المتطرفة و التكفيرية ؛ المجلد الثامن، قم، دارالاعلام لمدرسة اهل البیت (ع)، 1435 ه.ق.، ص225-251)
[2] ( 1). باحث ديني واستاذ مشارك.
[3] ( 1). باحث ديني واستاذ مشارك(ir .www .s haghighat )
2.(
احمد شبول، 1389، 278- 279)،
[4] ( 1) 3. http:// en. wikipedia.
org/ wiki/ Salafi movement
[5] ( 2)4 .confluence
[6] ( 3)5 .text
[7] ( 4)6 .context
[8] ( 5)7 .textualism
[9] ( 6).contes tualism
[10] ( 7).) حقيقت، 1391(.
[11] ( 8).(Skinner ,1891 2002
).
[12] ( 9).analytic philosophy
[13] ( 10).cont inental phil
osophy
[14] ( 11).) بشير، 1390، 131- 171(.
[15] ( 1)( علىزاده موسوى، ج 1، 1393، 30 و 59).
[16] ( 2).( فقيهى، 1352، 20).
[17] ( 3)( سيدنژاد، 1389، 104).
[18] ( 4).http ://moham
edghilan .com /1102 /11 /40 /
[19] ( 1).( البوطى، 1373، 277).
[20] ( 2).( فراستخواه، 1377، 129).
[22] ( 4).Moussalli ,9002
[23] ( 5).Salafist jihadism
[24] ( 6).fundam entalism
[25] ( 7).https ://www .google
.com /q /fundame ntalism
[26] ( 8).( دمنت، 1390، 348)
[27] ( 1). حبيبى، 1390، 65).
[28] ( 2).Islamism
[29] ( 3).(Garrison ,3002 ,14
[30] ( 4).( جانز و لاهود، 1389، 43 و 45).
[31] ( 5).( حقيقت، 1379).
[32] ( 1).http ://www
.tasnimnews
[33] ( 2).( محموديان، 1390، 59- 60).
[34] ( 1).http ://www .inn .ir
/NSite /FullStory ).
[35] ( 2).http ://www .isna
.ir /fa /news /
[36] ( 1).(http ://feirahi
.halghe .ir ).
[37] ( 1).http ://www .isna
.ir /fa /news /
[38] ( 1).cultural Islam
[39] ( 2).(Tibi ,8991
)
[40] ( 3).Tibi ,1002
[41] ( 4).Deconstr uction
.
[42] ( 1). حقيقت، 1391، 383- 384).
[43] ( 2).binary opposi tions
.
[44] ( 3). علىزاده موسوى، ج 1، 1393، 78- 81)،
[45] ( 1). ملكيان، 1379
[46] ( 1). حقيقت، 1392
[47] ( 2). حقيقت، 1386
[48] ( 3).approach
[49] ( 4).theory
[50] ( 1) .. سروش، 1374
[51] ( 1).( حقيقت، 1389).
[52] ( 2).shell and core
[53] ( 1). محمد مجتهد شبسترى،« مبناهاى تئوريك داعش».
[54] ( 2).http ://www
.ferghenews .com
[55] ( 1). فيرحى، 1393
[56] ( 2). هوشنگى و پاكتچى، 1390، 22- 23.
[57] ( 3). حقيقت، 1392، 94- 97).
[58] ( 1).( كرون، 1389، 654- 655).
[59] ( 2). علىزاده موسوى، ج 2، 1393، 296- 298
[60] ( 1). حقيقت، 1391، 127
[61] ( 2).Shapiro and others
,4002 ,92
[62] ( 3).( نوذرى، 1379، 481).
[63] المؤتمر العالمي آراء علماء الإسلام في التيارات المتطرّفة و التكفيرية،
مجموعة مقالات المؤتمر العالمي آراء علماء الإسلام في التيارات المتطرّفة و
التكفيرية، 8جلد، دار الإعلام لمدرسة اهل البيت (عليهم السلام) - قم - ايران، چاپ:
1.